تصاعد للقمع.. نقابات إيرانية تدين اعتقالات المعلمين وتعتبره انتهاكاً لحقوق الإنسان

تصاعد للقمع.. نقابات إيرانية تدين اعتقالات المعلمين وتعتبره انتهاكاً لحقوق الإنسان
سجن إيراني- أرشيف

أثار اعتقال المعلم الإيراني المتقاعد جهانغير رستمي، عضو جمعية المعلمين في مدينة هرسين بمحافظة كرمانشاه، موجة غضب واسعة في الأوساط النقابية والحقوقية، بعد ورود تقارير تفيد بتعرضه للضرب المبرح على أيدي قوات الأمن الإيرانية قبل نقله إلى سجن إيفين في العاصمة طهران، في وقت يتواصل فيه القمع ضد المعلمين والنشطاء التربويين في أنحاء البلاد.

وقالت جمعية المعلمين في هرسين، في بيان لها، اليوم الأربعاء، إن رستمي اعتُقل يوم 17 أكتوبر الجاري من منزله على يد عناصر من وزارة الاستخبارات الإيرانية، مشيرة إلى أن عائلته تلقت لاحقًا "ردًا غامضًا" يفيد بأنه نُقل إلى سجن إيفين دون الكشف عن تفاصيل وضعه الصحي أو القانوني.

وأفادت شبكة حقوق الإنسان في كردستان بأن رستمي شوهد بوجهٍ ملطّخ بالدماء بعد تعرضه للضرب أمام ابنه المعتقل إحسان رستمي، في محاولة واضحة من السلطات لإجباره على الاعتراف القسري

يُذكر أن إحسان اعتُقل في 19 أغسطس الماضي في طهران مع أربعة نشطاء تربويين آخرين، ويخوض منذ أسابيع إضرابًا عن الطعام في سجن إيفين احتجاجًا على الضغوط الممارسة عليه، بينما لا يزال هو وزملاؤه محرومين من التواصل مع عائلاتهم أو محاميهم منذ أكثر من 60 يومًا.

بيانات نقابية غاضبة

وأدانت ثلاث جمعيات نقابية للمعلمين في إيران –جمعية معلمي هرسين، ونقابة المعلمين في إسلام‌آباد غرب، ونقابة معلمي بوشهر– ما وصفته بـ"الاعتقال التعسفي والعنيف" لرستمي، مؤكدين أن ما جرى يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون والدستور الإيراني وللاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها طهران.

وقالت جمعية معلمي هرسين إن الضغط على أسر المعتقلين لانتزاع اعترافات قسرية هو "تصرف لا إنساني ومخالف للقانون، ويعكس انهيارًا في سياسات النظام القضائي والأمني"، مشيرة إلى أن السلطات "تلجأ إلى كل وسيلة غير إنسانية لإثارة الخوف ومنع التضامن بين الفئات المظلومة".

أما نقابة المعلمين في إسلام‌آباد غرب فاعتبرت أن حرمان رستمي من حقه في توكيل محامٍ أو التواصل مع أسرته منذ لحظة اعتقاله يعد جريمة قانونية وإنسانية، مطالبة بـ"الإفراج الفوري وغير المشروط عنه"، وداعية النقابات والمنظمات الحقوقية الدولية إلى عدم الصمت أمام هذه الانتهاكات.

من جانبها، وصفت نقابة معلمي محافظة بوشهر اعتقال رستمي بأنه امتداد للاضطهاد الممنهج ضد المعلمين الأحرار والمدافعين عن العدالة الاجتماعية، معتبرة أن "القمع المستمر ضد الأصوات الحرة في البلاد يبدو بلا نهاية"، وداعية السلطات إلى اعتماد "الحكمة والعقلانية بدلًا من القمع والترهيب في التعامل مع المطالب المشروعة للمعلمين".

دعوات للإفراج الفوري

وفي مدينة كرمانشاه، نظم متقاعدون تجمعًا احتجاجيًا يوم الثلاثاء أمام صندوق التقاعد الحكومي، رفعوا خلاله شعارات تطالب بالإفراج عن رستمي فورًا، كما أعربوا عن تضامنهم مع الناشطتين العماليتين شريفة محمدي وبخشان عزيزي اللتين تواجهان أحكامًا بالإعدام. 

واعتبر المحتجون أن استهداف رستمي “رسالة تخويف” موجهة إلى جميع المعلمين الذين يطالبون بالإصلاح والعدالة الاجتماعية.

ويأتي اعتقال رستمي في سياق حملة متصاعدة تشنها السلطات الإيرانية ضد النقابيين والمعلمين المحتجين منذ عدة أشهر. 

وتشير تقارير منظمات حقوقية إلى أن أكثر من 90 معلمًا وصحافيًا وناشطًا تربويًا تعرضوا للاعتقال أو الملاحقة القانونية خلال عام 2025، في ظل تضييق مستمر على حرية التعبير والتجمع السلمي.

ويرى مراقبون أن استهداف رستمي يعكس تصاعد سياسة الترهيب ضد المعلمين المتقاعدين والنقابيين الذين يطالبون بإصلاحات اقتصادية وتحسين ظروف المعيشة، في وقت تواجه فيه البلاد أزمة اقتصادية خانقة واحتقانًا اجتماعيًا متزايدًا.

دعوات تحذيرات حقوقية

ودعت منظمات حقوقية إيرانية ودولية إلى تحقيق عاجل في ظروف اعتقال رستمي وضمان سلامته الجسدية والنفسية، مطالبة بالإفراج عنه وعن ابنه إحسان وجميع النشطاء التربويين المحتجزين تعسفيًا.

وأكدت منظمات المجتمع المدني أن ما يجري يعبّر عن استخدام النظام الإيراني لأسلوب العنف الممنهج لإسكات الأصوات التي تطالب بالإصلاح والمساءلة، وأن استمرار هذه الممارسات قد يؤدي إلى مزيد من التوتر والانقسام داخل المجتمع الإيراني.

وفي ظل غياب الشفافية الرسمية، يبقى مصير جهانغير رستمي وأمثاله اختبارًا حقيقيًا لمدى التزام إيران بالقوانين الدولية لحقوق الإنسان، ولقدرتها على احترام حرية التعبير وحق المواطنين في المطالبة بالعدالة دون خوف من العقاب.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية